المستشار أنور المريض

حاوره الدكتور جمال الزوي

س* نود في البداية أن نُعرّف القارئ العادي ماذا نعني عندما نقول محكمة استئناف..؟

رئيس محكمة استئناف طرابلس

هي إحدى محاكم الاستئناف المنتشرة في ليبيا، وتُعد من أكبر محاكم الاستئناف، حيث يبلغ عدد المستشارين فيها ما يزيد عن المائة مستشار، بما فيها محكمة دوائر سبها التي تتبع هذه المحكمة.

وتتكون المحكمة من دوائر جنائية ودوائر مدنية ودوائر إدارية وتجارية وأحوال شخصية، وكل دائرة من هذه الدوائر في محكمة الاستئناف تتكون من ثلاثة مستشارين”رئيس الدائرة واثنان من المستشارين” وتختص بالنظر في القضايا المستأنفة من الأحكام الابتدائية، هذا فيما يتعلق بالدوائر المدنية، وتنظر دوائر الجنايات ابتداء في القضايا الجنائية المحالة إليها من غرف الاتهام المتعددة، حيث هناك غرفة اتهام في كل محكمة ابتدائية، وعدد القضايا الجنائية كثير جداً يعود ذلك إلى تعديل بعض القضايا التي كانت جُنحا ثم تحولت إلى جنايات مما ترتب عليه إلقاء عبء كبير على دوائر الجنايات.

عدد دوائر الجنايات في الوقت الحالي حوالي 12 دائرة.. متوسط عدد القضايا المعروضة على كل دائرة من هذه الدوائر حوالي 70 جناية.. كل دائرة من دوائر الجنايات لديها أربع جلسات في الشهر.. ونتيجة لكثرة القضايا كانت الدوائر ليس بها جلسة رابعة، فنتيجة لكثرة القضايا يعمل المستشارون حتى في الجلسة الرابعة. . وهناك احصائيات متوفرة بشأن القضايا المفصول فيها والمتراكمة وغيرها، وإذا كانت هناك ضرورة لنشرها نزودكم بها.

س- ما هو المقصود بالجمعية العمومية للمحكمة..؟

رئيس محكمة استئناف طرابلس

– الجمعية العمومية للمحكمة تتألف من جميع مستشاري المحكمة وهي التي تختص بتوزيع الدوائر وبتعيين وتكليف المستشارين لهذه الدوائر وتحديدها ومواعيد جلساتها.. وتجتمع مع بداية السنة القضائية وفي بداية العطلة القضائية.. حيث العطلة القضائية هناك مجموعات تخرج في إجازات ومجموعات تعمل .

س ما هو مفهوم العطلة القضائية..؟

رئيس محكمة استئناف طرابلس

– العطلة القضائية بالنسبة لمستشاري محكمة الاستئناف لديهم 50 يوما في السنة وأثناء العطلة القضائية لا يعني هذا أن المحكمة تُغلق أبوابها، وإنما تنظر فيها أثناء العطلة القضائية في القضايا التي بها محبوسون، وفيما يتعلق بالقضاء المدني تنظر في القضايا المستعجلة، بمعنى أن المحكمة دائماً في حالة عمل ولكن أثناء العطلة القضائية يقتصر عملها على القضايا المستعجلة والقضايا التي بها محبوسون فيما عدا ذلك من قضايا تؤجل إلى ما بعد العطلة القضائية.. ففي المادة (306) من قانون المرافعات يجوز استئناف الأحكام الابتدائية ما لم يمنع من ذلك القانون أو اتفاق الخصوم ..إلخ.

س- ما هو المقصود بذلك..؟

رئيس محكمة استئناف طرابلس

– هناك قضايا جزئية تنتهي في المحكمة الابتدائية في الاستئناف الابتدائي، وهذه لا يجوز استئنافها هنا وإنما يمكن النطق فيها أمام المحكمة العليا بطريقة أو بأخرى.

في المادة (309) الطلبات العارضة، إذا قدم المحكوم عليه طلباً عارضاً كان التقدير على أساس الأكبر قيمة من الطلبين، الأصلي والعارض..إلخ..هذا بالنسبة للرسوم القضائية .. وفي المادة(318) إذا غاب المستأنف الجلسة الأولى أُحيلت القضية إلى جلسة أخرى، ويحيط قلم الكتاب المستأنف علماً بموعدها، فإذا غاب المستأنف في الجلسة الأخرى أيضا قرر القاضي من تلقاء نفسه اعتبار الاستئناف كأن لم يكن.

هذه ليست من النظام العام وإذا لم يتمسك بها الخصوم فهي ليست إلزاما بأن يقرر القاضي شطبها أو اعتبارها كأن لم تكن.

س-بعد محكمة الاستئناف هل يتوقف الاستئناف ..؟

رئيس محكمة استئناف طرابلس

– بعد محكمة الاستئناف هناك المحكمة العليا ويجوز الطعن أمام المحكمة العليا، ولكن الطعن أمام المحكمة العليا في هذه الحالة يكون خطأ في تطبيق القانون أو في تفسيره، هذا فيما يتعلق بالجنايات.

وهذا يعني أن هامش الخطأ قائم ما بين الدرجات، وهذا هو السبب في تعدد درجات القضاء، فإذا أخطأت محكمة أول درجة يجوز تصحيحه أمام محكمة الاستئناف، وإذا كان هناك خطأ في تطبيق القانون يجوز تعديله أو نقضه في المحكمة العليا وهذه ضمانات التقاضي.

س-كيفية العمل فيما يخص جلسات التحقيق والمرافعات .. إلى أي مدى تشكل أهميته..؟

رئيس محكمة استئناف طرابلس

– بالنسبة لدوائر الجنايات ليس هناك تحقيق.. التحقيق بالنسبة للقضايا المدنية حيث من الضروري أن تُعرض على المستشار المحقق في البداية الذي يستدعي الخصوم ويستدعي الشهود والخبرة، وكل شيء متعلق بها، وبعد أن تجهز يقوم بإحالتها إلى المرافعة، وهي تتكون من ثلاثة مستشارين من ذات الدائرة، حيث يُعد فيها تقرير التلخيص ويُوضح فيه أوجه الاستئناف وردود المستأنف ضده ويُحوصل القضية دون أن يعطي رأيه بها كمستشار محقق ثم يُحيلها إلى الدائرة لنظرها في جلسة المرافعة، ويُعلم بها الخصوم.. وجلسة التحقيق مسألة تجهيز وتحضير، للمستشارين الثلاثة.

إذا أخذنا نِسب القضايا المستأنفة، كيف يمكن أن نقيمّ من خلالها أحكام الاستئناف حيث، قد نستطيع من ذلك أن نُعطي تقييماً لأحكام الدرجة الأولى..؟

دائما الاستئناف يكون إما برفض الحكم المستأنف أو بتعديله وإما بإلغائه، طبعاً هناك أسباب معينة للاستئناف.

س- من الواقع المعاش.. إذا أخذت إحصاء العام 2005 مسيحي -مثلاً- كيف نستطيع معرفة نسبة الرفض والتعديل أو الإلغاء.. لأن هذا من شأنه أن يقيم لنا المرحلة الأولى..؟

رئيس محكمة استئناف طرابلس

-هذا صحيح ولديك الحق، لكن هذه تستدعي الرجوع إلى الاحصائيات والقضايا.

س- ألا توجد نسبة تقديرية مثلاً..؟

رئيس محكمة استئناف طرابلس

-هذا يمكن أن ينجز ولكنها تحتاج إلى مسألة وقت والرجوع إلى الأحكام.

س- أقصد هل لديكم جانب مهتم بهذا الشأن للقيام بإعداد دراسات يمكن الرجوع إليها والاستفادة منها حتى في تقييم الأداء..؟

رئيس محكمة استئناف طرابلس

-نحن يمكن في إطار الأحكام المنقوضة في المحكمة العليا، والطعون التي رُفعت ضد محكمة الاستئناف عندما يأتي إلينا الحكم المنقوض نقوم بتعميمه على الدوائر، حتى تأخذ عن أسباب نقض الأحكام، ويكون في متناول جميع الدوائر، فطالما أن الحكم نُقض من المحكمة العليا فمعنى ذلك أن هناك خطأ في الحكم.

وهناك ملاحظة أن الحكم المنقوض لا يُعاد إلى المحكمة التي أصدرته، ولا يُعاد إلى ذات الدائرة وإنما إلى دائرة أخرى.

س- إذا لُوحظ تكرار خطأ معين من قاض في الدرجة الأولى .. هل محكمة الاستئناف تبدي ملاحظات بالخصوص ..؟

رئيس محكمة استئناف طرابلس

-إذا ثبت أن الحكم الابتدائي خطأ وهناك مبررات نقضه تعاد، وربما القاضي الذي أصدره لا يعلم به إطلاقا، وهذه المسألة التي يلاحظها التفتيش القضائي، فهذه في محض اختصاصه وبدون شك التفتيش يُعير ذلك اهتماماً خاصاً.

س-بماذا يمكننا أن نفيد أصحاب القضايا.. إذا أردنا أن نتوجه إليهم بالحديث..؟! نتساءل عن موضوع التكدس في القضايا.. وهل هناك حلول لهذه الاشكالية..؟

رئيس محكمة استئناف طرابلس

-هناك مبادرة وجهد من قبل اللجنة الشعبية العامة في هذا الخصوص وذلك من خلال تشجيع المستشارين والقضاة وتخصيص مبالغ مالية تشجيعية كمكافآت للفصل في القضايا المتراكمة.. وإن شاء الله تكون النتائج طيبة وسيتم الفصل في كافة القضايا في القريب العاجل إن شاء الله.. كما تجدر الملاحظة الى أنه في بعض الأحيان تكدس القضايا يكون بسبب طلب المحامين تأجيل القضايا أو بسبب غياب الخبرة أو عدم إعلان المتهمين.. والأمانة الآن وضعت آلية بتكليف محضرين ورجال ضبط قضائي وشرطة قضائية وعملت سيارات خاصة للإعلان.. ونأمل خيراً.

س- إذا أردتم إعطاء ملاحظة من واقع تجربتكم الطويلة في مجال العمل القضائي.. ماذا تقول للمواطن الذي لديه قضية في الاستئناف..؟

رئيس محكمة استئناف طرابلس

– بكل بساطة أن يتابع قضيته.. ويحاول عدم المماطلة وأن يقدم كافة مستنداته والتي يجب أن تكون مستوفية، وليس هناك أي مبرر لتعطيل للقضية طالما هي جاهزة للفصل والحكم.. كما عليه أن يستعين بمحام يوضح له كافة الإجراءات.

س- فإذا لم تكن لدى المواطن إمكانية للاستعانة بمحام..؟

رئيس محكمة استئناف طرابلس

– هناك المحاماة الشعبية توفر له محامياً.. فهي ما أنشئت إلا لهذا الأساس.

س- دون شك أن لديكم بعض الإشكاليات والصعوبات..؟

رئيس محكمة استئناف طرابلس

– لا شك أن أي عمل تعترضه العديد من الصعوبات والإشكاليات.. والعمل القضائي على وجه الخصوص عمل صعب جداً..عبارة عن محرقة.. والسادة المستشارون دائماً يعملون ليل نهار.. فمنازلهم لا تطفأ فيها الأنوار طوال الليالي فهم يعكفون على مراجعة ودراسة ملفات القضايا المعروضة عليهم.. فإذا كانت جلسة الجنايات يقوم فيها القاضي بحجز أكثر من ثلاثين قضية للجلسة القادمة للحكم.. والحكم لابد أن يُعطى بأسبابه.. أقل حكم في الجنايات كشرب الخمر -مثلاً- يحتاج إلى ما لا يقل عن (5) صفحات.

هناك مسؤولية كبيرة على القاضي والمستشار وكان الله في عوننا جميعاً.

س-هل هناك نقص في إمكانيات ترون أنها ضرورية وتودون طرحها على المسؤولين..؟

رئيس محكمة استئناف طرابلس

أن المسؤولين في الأمانة يدركون تماماً مدى ثقل المسؤولية على رجال القضاء وعلى القضاء بصفة عامة.. فالقضاء دائماً يحتاج إلى دعم.. دعم بكافة أشكاله مادياً ومعنوياً.. ويجب أن يكون القاضي والمستشار بصفة خاصة يتمتعان بحصانة واحترام وبهيبة القضاء.. ويجب أن تُنفذ الأحكام بسرعة حتى يشعر الجميع بأن هناك هيبة للقضاء.

س- من واقع خبرتكم وأنتم تمرستم في الكثير من الدوائر.. وما وصلتم إلى هذا المكان إلا نتيجة جهد وعمل جاد وشاق في مجال القضاء والكل يشهد لكم بهذا.. فما هو تقييمكم الشخصي للعمل في مجال القضاء بشكل عام..؟

رئيس محكمة استئناف طرابلس

– أقول وبكل ثقة أن القضاء بخير ويتمتع بالنزاهة والمصداقية والاستقلالية.. وأريد أن أُركز على ذلك حيث أنه لا توجد أية جهة تتدخل في عملنا.. ونعمل بكامل الحرية سواء في المدني أو الجنائي بصفة عامة.. وأن القضاء لدينا لا تشوبه شائبة.

س- في نهاية هذا اللقاء إذا أردتم توجيه رسالة بحكم موقعكم إلى الأخ أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل.. فماذا تقولون ..؟

رئيس محكمة استئناف طرابلس

– طبعاً.. نحن نُكن كل التقدير والاحترام للأستاذ المستشار أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل.. على مواقفه معنا وتذليل أغلب الصعوبات التي واجهتها محكمة الاستئناف والمحاكم بشكل عام.. ويحاول دائما جاهداً أن يُوفر كل الامكانيات وتذليل كافة الصعوبات