حاوره:د.جمال الزوي
– عندما نقول نيابة مكافحة المخدرات ماذا نقصد ..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* هي نيابة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية.. أُنشئت عام 1992 وتختص بتنفيذ القانون رقم (7) لسنة 1990.. بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية.. وقد طرأ على هذا القانون عدة تعديلات.. مثل القانون رقم (19) لسنة 1423، والقانون رقم (19) لسنة 1425.. وأخيراً القانون رقم (23) لسنة 1369و.ر.. وهذه القوانين جميعها تعديل للقانون رقم (7) والذي يعتبر القانون الذي أُنشئت على أثره نيابة مكافحة المخدرات.
وهذه النيابة بطبيعة الحال تختص فقط بالمخدرات والمؤثرات العقلية وجميع المخدرات والمؤثرات العقلية المدرجة في الجدول المرفق بالقانون رقم (7) والتعديل الذي طرأ عليه في القانون رقم (23) لسنة 1369و.ر جميعها من اختصاص هذه النيابة.
– المواطن العادي ربما يظن أن المخدرات هذه أشياء معينة فالجدول ربما يكون من المفيد أن يبادر المواطن العادي بالبحث عنه والوقوف على محتوياته.. حتى لا يقع بعمد أو بدونه في طائلة المساءلة القانونية لاسيما وأن هناك بعض المواد التي ربما لا يظن أنها من ضمن المخدرات أو المؤثرات ..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* بديهي خاصة وأن هناك العديد من أنواع الحبوب والتي تُدرج ضمن المؤثرات العقلية وهي عدة أنواع.
– هل نعتبر أن كل مادة يصنفها العلم والطب على أنها مؤثر عقلي تعتبر من ضمن الممنوعات..؟
* على أن تكون من ضمن المواد المدرجة في الجدول المرفق بالقانون.. وما لم تكن مدرجة فالنيابة لا تستطيع أن تفصل في هذا الموضوع باعتباره مخدراً ويعتبر من الأقراص العادية.. وربما يعالج موضوعها القانون الليبي أو قانون آخر.. ولكن المؤثرات العقلية لا تعتمد إلا المواد الواردة في الجدول.
– وكيف تحددون ذلك بدقة.. فبعض الأقراص ذات أسماء طبية مختلفة.. وربما تكون مكوناتها ذات تأثير مخدر وفعال..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* هنا يأتي دور الخبرة.. فعند معالجة الموضوعات ذات العلاقة بالمسائل المشتبهة يتم الاستعانة بالخبرة.. والخبير هو من يقدم التقرير بالخصوص عما إذا كانت هذه المواد من ضمن المكونات الواردة في الجدول.. فهناك بعض الأقراص والعقاقير التي تستخدم لأغراض طبية كتلك التي تُعطى لمرضى الصرع مثلاً.. فالنيابة لا تتعامل معها كمؤثر عقلي.
– إذا أردنا التعرف على طبيعة أغلب الجرائم.. من حيث الوارد في أي مسار تتجه.. المخدرات أم المؤثرات العقلية..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
*أغلب القضايا .. مخدرات .. وهناك نسبة أيضاً تظهر في بعض الأحيان تتجه نحو المؤثرات العقلية.
– إذن هناك بعض العقاقير المؤثرة التي تُعطى لمعالجة أمراض معينة.. يسمح بها القانون.
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* القانون واضح وصريح وحدد طبيعة وكيفية التعامل مع هذا النوع وحدد المسؤولية وبشكل دقيق فيما يخص كيفية صرف هذه الأدوية من قبل الأطباء والصيادلة.. وحدد عقوبات رادعة لكل من يُسيء التصرف في هذا الشأن.
– بمعنى أن المسؤولية تطال الأطباء والصيادلة في التعامل بشأن صرف العقاقير المؤثرة..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* نعم.. والقانون حدد بعض العقوبات التي تقع على هؤلاء.. ففي حال المخالفة سواء في وصف الأدوية لغير ذوي الأمراض.. أو صرف الأدوية من قبل الصيدلي دون وصفات طبية.. فالقانون رقم (7) حدد بعض العقوبات .
– جرائم المخدرات في أي اتجاه تسير.. هل هي تعاطى أم إتجار..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* في السنوات الأخيرة ومن خلال فترة وجودي بهذه النيابة والتي باشرت العمل بها شهر (10) عام 2004.. ومن خلال محاضر النيابة كانت النسبة الأكبر في موضوع الإتجار.. وبدون شك هناك نسبة تعاطي.. فالمتعاطي لا يلبث أن يتحول إلى تاجر.. فهو في سبيل الحصول على ميزانية لدعم حاجته في الحصول على المخدرات يقوم ببيع جزء مما يشتريه.. وهكذا.. ومن خلال تجربتي أن أغلب الذين تحولوا إلى التجارة كانت هكذا البداية معهم.. وهنا نتحدث عن صغار التجار.. أما التجار الكبار الذين يجلبون الكميات الكبيرة فهؤلاء غالباً ما لا يتعاطون المخدرات.
– ألا ترون معي أن المتعاطي وخاصة المدمن.. ربما يكون ضحية ويحتاج إلى العلاج والرعاية .. ففي بعض الدول لا يلاحقون المتعاطي.. ويعتبرون الجريمة في الإتجار فقط.. فكيف هو القانون لدينا .. فنحن نريد أن نوضح للمواطن هذه المسألة..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* القانون الليبي صنف كل من التعاطي والإتجار من ضمن الجنايات.. واعتبر التعاطي جناية.. والجناية كما هو معروف حدد القانون عقوبتها من ثلاث سنوات فما فوق.
وفي الإتجار تصل إلى الإعدام.. ولكن بالنسبة لبعض المتعاطين.. كما ذكرتم فالبعض منهم يصل إلى النيابة وهو في درجة متقدمة جداً من الإدمان.. وفي تقديرنا ينبغي أن يكون هناك مركز علاجي لهؤلاء.. لأن المتعاطي بالفعل إذا تم إيداعه أحدى مؤسسات الإصلاح والتأهيل.. فإذا لم يصل مرحلة الإدمان.. يمكن أن يخرج تاجراً.. وإذا كان مدمناً فيكون خطراً بالنسبة لنفسه وبالنسبة للآخرين.. وخاصة في نشر الأمراض كالكبد الوبائي والايدز.. فلابد من إيجاد المراكز المتخصصة لمعالجة الإدمان.. وإيداع هؤلاء بها إلى حين معالجتهم.. وعموما ًفي القانون ما يُشير إلى ذلك.. فلدينا عدة حالات يأتي أولياء الأمور ويطالبون بحبس أبنائهم الذين وصلوا إلى مرحلة الإدمان.. لما يسببونه من إشكاليات ومايقومون به من سرقات ونهب لمدخرات الأسرة.. فالمدمن مستعد في سبيل الحصول على مادته أن يسرق ويبيع الغالي والرخيص.. وربما يرتكب جرائم فادحة كالقتل مثلاً.. فيجب أن تكون هناك معالجات.
– إذا أجرينا مقارنة في الوارد بين العام 2005 والعام الحالي .. كيف تقرأون ذلك..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* بشكل عام ومن حيث الوارد نجد أن الوارد للعام 2005 انخفض عن العام 2004.
– هل يمكن أن نعزو هذا الانخفاض إلى أسباب معينة كارتفاع نسبة الوعي مثلاً.. أو نتيجة لتشديد العقوبة كيف ترون ذلك من خلال خدمتكم العملية..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* دون شك هناك عدة أسباب.ساهمة في ذلك .. ربما الوعي.. والعقوبات كما ذكرتم.. كل ذلك أدىإلى هذا الانخفاض.
– المتعاطي يُودع في مؤسسة الإصلاح شأنه شأن غيره من النزلاء.. أليس من الأنسب إيداعه مركز الإيواء المختص.. فلعلمنا أن هناك مركزاً بتاجوراء مختص..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* نعم.. ولكن حقيقة ..مركز تاجوراء من الناحية الواقعية مركز بسيط ولا تتوفر فيه المواصفات الأساسية والضرورية وهو مُقام بمجهود ذاتي قامت به الإدارة.
– إلى أي إدارة تشيرون..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* الإدارة العامة لمكافحة المخدرات.. وهناك شكوى أو دعنا نقول لوم من المشرفين على المركز.. فهم يقولون أن الصحة لا تتعاون معهم بهذا الشأن.. وهذا الموضوع حقيقة يحتاج إلى تظافر الجهود.. فقطاع العدل يمكن أن يوفر المكان المناسب.. ولكن تبقى مسؤولية الصحة متابعة المسائل العلاجية وتوفير الفريق المختص والظروف الصحية اللازمة لإنجاح هذا العمل.. فهؤلاء يعتبرون مواطنين ويحتاجون إلى العلاج والذي هو بالدرجة الأولى مسؤولية قطاع الصحة.. والتي يتوقف عليها إحضار الأطباء والمعدات وتجهيز المراكز والإشراف عليها.
– هل العدد الحالي لأعضاء النيابة كافٍ للتعامل مع الوارد..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* من حيث العدد نعم.
– هل لنا أن نتعرف على عدد أعضاء نيابتكم..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* سبعة أعضاء.. وأنا ثامنهم.
– إذا أردنا التحدث عن الصعوبات فما الصعوبات التي تواجهكم أثناء أداء العمل ؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* دائماً نتحدث عن الإمكانيات.. وضرورة توفير الحماية اللازمة للمقار.. أذكر أنه أثناء التحقيق مع إحدى الحالات أنه حاول القفز والهروب بسبب عدم توفر الحماية للمقر.
– سؤال يكاد يكون تقليديا ًنتوجه به دائماً لأعضاء النيابة.. البعض يعتبر النيابة .. ومقار النيابة مراكز ردع.. ينتاب المواطن فيها نوعا ًمن الرعب.. ولكن نعلم أنه ليس كل من قدم إلى النيابة للتحقيق معه.. يعني أنه مجرم.. فقد يكون بريئاً ومع ذلك يشعر بهذا النوع من عدم الاطمئنان وكأنه قادم لمقابلة أحد مصاصي الدماء.. لماذا هذا الشعور..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* نحن في النيابة نتعامل في قضايا التحقيق بمنتهى الموضوعية والالتزام.. وهناك قوانين تحكمنا.. وغرضنا الوصول إلى الحقيقة.. وأسلوبنا المنطق والسؤال.. ونتعامل مع المحقق معهم بكل إنسانية واحترام.. وربما هذه الخشية أو الخوف الذي تشيرون إليه يتولد لدى المواطن من واقع شعوره بأن النيابة سلطة إتهام.. ولكن في الواقع هي سلطة تحقيق قبل أن تكون سلطة إتهام.. والمواطن بطبيعته يخشى ذلك سواء أكان مرتكباً جرماً فعلاً أو كان بريئاً.. وهذا يعود في تقديرنا إلى وعي المواطن في حد ذاته.
– هل يمكن أن نعرف حدود النيابة .. من أين تبدأ .. وأين تنتهي ..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* طبعاً من التحقيق مع المتهم وفي حالة وجود دلائل كافية على ارتكابه الجريمة.. يتم إيقافه ولمدة 30يوماً.. وبعد هذه المدة إذا تم استيفاء التحقيق بسماع الشهود والتقارير بشأن التحاليل وتقرير الطبيب الشرعي (حسب طبيعة الجريمة) ليتم التصرف في القضية.. وفيما عدا ذلك يتم التمديد.. فالقانون رقم (23) الأخير والذي حدد مدة التوقيف بالنسبة لمأموري الضبط من 24 ساعة إلى أسبوع وأعطى النيابة العامة 30 يوماً بدلا ًمن 6 أيام وهذا لم يأت عشوائياًَ.. نتيجة طبيعة التعامل مع قضية المخدرات.. فالتحقيق بشأن قضايا المخدرات لا يمكن أن يستوفى في 6 أيام وبهذا تحدث الكثير من التمديدات.. أما مدة الـ30 يوماً والتي جاءت من هذا المنطلق يكون معها التمديد نادراً.. وإذا لم تستوف التحقيقات يتم عرض ملف التمديد على القاضي الجزئي وهو الذي يقرر المسألة إما التمديد أو الإفراج.
– وما هي المدد المحددة للتمديد..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* حسب طلب النيابة.. وعادة ما تكون 30 يوماً اضافيا بالنسبة للموضوعات الكبيرة.. وفيما عدا ذلك تتراوح ما بين 10 إلى 20 يوماً.
* القانون لم يحدد الكمية فالعقوبة هي ذات العقوبة.. فالقانون يتعامل مع الجُرم وهو الإتجار في حد ذاته.. فالمجرم الذي يقوم ببيع كمية صغيرة أو كبيرة هو متاجر بهذه المادة.. ولكن ربما في الحكم قد يكون للقاضي تقديرات وحسب الصلاحيات التي منحها له القانون بهذا الشأن وهذا بطبيعة الحال يعتمد على ملف الحالة.. ولكن العقوبة في النص القانوني هي واحدة بغض النظر على الكمية سواء أكانت صغيرة أو كبيرة..
– إذن أنتم تنبهون المواطن بضرورة أخذ الحيطة وأن لا يقع في دائرة الإنخداع أو الظن أنه إذا نقل مادة مخدرة أو حفظها..الخ فهو يقع تحت طائلة القانون والعقوبة.
– ماذا يمكننا أن ننبه المواطن إليه بشأن المخدرات..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* إذا أثبتت التحقيقات كيدية الدعوة.. وهذا توضحه المستندات والتقارير والتحقيقات.. فالتحقيق دائماً هو ما يُوضح الأمور.
– من يضمن .. فالكثير يوجه الاتهام إلى مأموري الضبط الذين يقومون بالقبض عليهم.. البعض قد يقول أنه تم القبض عليّ ودُست لي مادة مخدرة من قبل هؤلاء.. وقد تكون هذه حقيقة وقد تكون غير ذلك.. وإذا كانت حقيقة كيف يكون الحال..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* النيابة كما قلت تعتمد على معطيات.. وشواهد.. فإذا لم يستطع المواطن إثبات الكيدية.. أضف إلى أن عضو النيابة من خلال خبراته الذاتية يستطيع التعرف على ذلك.. وغالباً ما يلجأ المتورطون بهذه الإدعاءات للهروب من العدالة.. فالبعض تعلّم أساليب للمراوغة.. ويبدأ مباشرة بالقول بأنه دُست له مادة وأن له عداوة مع مأموري الضبط القضائي ..إلخ، ولكن النيابة على علم بهذه الألاعيب.
– ولكن هذا قد لايمنع أن تكون هناك مثل هذه الأشياء.. ولطالما أن هناك احتمالاً قائماً فقد تكون موجودة .. فكيف تتعالون مع هذه الحالات..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* المسألة تحتاج إلى إثباتات.. والنيابة تقوم باتخاذ اللازم لمعرفة صحة ذلك من عدمه.. فإذا أدلى أحدهم مثلاً وجود عداوة مع مأمور ضبط قضائي قام بإيقافه، فالتحقيقات توصلنا إلى معرفة صحة ذلك.
– نود أن نطمئن الجميع.. أننا في النيابة على خبرة كافية نصل بها إلى الحقيقة.. ولدينا بعض الحالات التي توصلنا من خلالها والتأكد من صدق أقوال المتهم.. وتم الإفراج عنه.
– يتم الإفراج عن المتهم .. وماذا عن الطرف الآخر .. لابد من إجراءات قانونية وعقوبة تلحق به..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* بالتأكيد.
– كيف يمكن للمواطن أن يضمن حماية نفسه في مثل هذه الحالات ..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* بأن يبتعد عن مواطن الشبهات.. حتى لا يُعرّض نفسه إلى المساءلة.. وأن يتوخى الحيطة والحذر في التعامل مع أية مواد يشتبه في أنها مخدرة.. فالجهل بالقانون يُعرّض المواطن إلى الكثير من المخاطر.. فعلى المواطن أن يحمي نفسه بالابتعاد عن الشبهات.. فالقانون يعاقب حتى على الحيازة المجردة.. لمجرد وجود المادة مع أحد الأفراد ولو كان عرضاً يُعرضه للعقوبة.
– هل من كلمة توجهونها في هذه المناسبة سواء للمواطن أو للجهات المختصة ..أو إلى أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل..؟
مدير نيابة مكافحة المخدرات:
* جميعنا في النيابة همومنا مشتركة.. ما تعانيه نيابة مكافحة المخدرات هو ما تعانيه نيابة الجرائم الاقتصادية..إلخ.. نحتاج إلى رعاية صحية جدية.. وخاصة أن معظم الذين يُعرضون علينا بعضهم يعاني من أمراض مزمنة ومعدية.. ومكاتبنا كما ترى غير معدة بشكل ملائم.. وبشكل عام نحن ندرك أن أمين القطاع هو من القطاع وهو أدرى بما يحتاجه.. فله منا الشكر والتقدير.