الخبيرة الأمريكية كرستي وارن

يمكن أن نجد الأصل الحديث للمعايير الدولية لحقوق الإنسان في ميثاق الأمم المتحدة 1945 والتي تدعو إلى الاحترام الشامل لحقوق الانسان والحريات الأساسية لجميع الناس بدون تمييز على أساس الجنس أو النوع آواللغة أو الدين وجاءت تعابير الميثاق عريضة وقصد واضعوها إصدار معايير حماية حقوق الانسان في الادوات القانونية اللاحقة وبعد ثلاث سنوات تبنت الأمم المتحدة عام 1948 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .

وحيث أن هذا الإعلان قد صدر كقرار للجمعية العامة للامم المتحدة فإن أثره اقتصر على الصفة الإعلانية وليس النمطية وبالرغم من ذلك ،فان هذا الإعلان قد مهد الطريق لوضع معايير ملزمة لحقوق الإنسان والعدالة الجنائية المطبقة في جميع أنظمة القوانين ،سواء كانت تلك الانظمة تقوم على القانون المدني او القانون العام او القانون العرفي أو القانون المكشوف .

ومنذ إصداره في عام 1948،كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالغ الفائدة كمصدر إيحاء وأساس للجهود الوطنية والدولية في جميع أنحاء العالم لوضع حقوق إنسان أساسية تطبق على جميع الناس . وفي الحقب التي تلت تبني إعلان حقوق الإنسان ،قامت الأمم المتحدة بتطوير مجموعة من المعايير والأنماط الإجرائية لحماية الافراد ضد السياسات والممارسات التي تخرق حقوق الإنسان الأساسية في عملية العدالة الجنائية وأهم هذه المعايير تم إدخالها في الميثاق الدولي للحقوق السياسية والمدنية والذي دخل حيز التنفيذ في 23مايو 1976 ،وصادقت عليه ليبيا في هذا التاريخ بدون أي تحفظات .

– المعايير العالمية للعـدالة الجنائية :

أ- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان :

تعتبر لغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لغة عامة وتقدم الإرشادات لإيجاد وتنفيذ حقوق الإنسان والعدالة الجنائية، وتضع المقدمة مُثلا واسعة تقود إلى باقي الوثيقة، وتُقر هذه الوثيقة بأن كرامة الفرد والحقوق المتساوية وغير القابلة للتصرف لجميع أفراد العائلة الإنسانية هي أساس للحرية والعدل والسلام في العالم، ويجب أن يتمتع جميع الرجال والنساء بحقوق متساوية يحميها حكم القانون.

وتشمل أجزاء الإعلان العالمي المتعلقة بالعدالة الجنائية ما يلي:

المادة (2)

يتمتع كل فرد بجميع الحقوق والحريات الواردة في الإعلان العالمي، بدون أي تمييز مثل الجنس واللون والنوع الاجتماعي واللغة والدين والرأي السياسي أو غيره والأصل الوطني والاجتماعي والملكية ومكان الميلاد أو أي وضع آخر .

المادة (3)

يحق لكل فرد الحق في الحياة والحرية والأمن .

المادة (5)

لا يجوز تعريض اي فرد للتعذيب أو القسوة والمعاملة غير الإنسانية أو العقاب .

المادة (7)

كل الأفراد متساوون أمام القانون ويتمتعون بدون اي تمييز لحماية متساوية من القانون .

المادة (8)

يتمتع كل فرد بحق العلاج من المحاكم الوطنية المختصة ضد أعمال خرق الحقوق الأساسية الممنوحة له من الدستور .

المادة (9)

لا يجوز تعريض أي فرد للايقاف غير القانوني .

المادة (10)

يحق لكل فرد التمتع بمحاكمة علنية عادلة متساوية من طرف محكمة غير متحيزة في تحديد حقوقه والتزاماته وأي اتهام جنائي ضده .

المادة(11)

(1) كل من يتهم بمخالفة علنية يعتبر بريئاً إلى حين أن تثبت إدانته طبقا للقانون في محاكمة علنية يملك فيها كل الضمانات الضرورية للدفاع عن نفسه.

(2) لا يعتبر أي فرد مذنباً بمخالفة جزائية على أساس أي عمل لا يكون مخالفة جزائية بموجب القانون الوطني أو الدولي حين ارتكاب تلك المخالفة ولا يجوز فرض عقوبة أكبر من تلك التي كانت نافذة عند ارتكاب المخالفة .

ب- الميثاق الدولي حول الحقوق المدنية والسياسية

وضعت المواد الـ(53) لميثاق الحقوق المدنية والسياسية ضمانات دولية إيجابية للحقوق المدنية والسياسية ووضحت بقدر أكبر بالتحديد حول اللغة العامة لاعلان حقوق الإنسان .

وتمثل هدف الميثاق في تأسيس مجموعة حقوق الإنسان ومعايير محاكمة عادلة تلزم الدول الاعضاء الموقعة على هذا الميثاق ويوضح بأن نصوصه تقدم من الحد الأدني من الضمانات فقط والتي قد لا تكون كافية لتوفير مستوى الحماية اللازم . تم إعطاء الرقابة على التقيد بهذا الميثاق الى لجنة حقوق الإنسان والتي تم تأسيسها بموجب هذا الميثاق وتنص المادة(40) على أن تقييد الدول الأعضاء بتقديم تقارير بالإجراءات التي تبنتها لتفعيل الحقوق التي أقرها الميثاق ومدى التقدم المحرز نحو التمتع بهذه الحقوق.

ومنذ عام 1977 قدمت ليبيا على الأقل ثلاثة تقارير دورية . وتنص المادة 2 من الميثاق بأن تتعهد كل دولة باتخاذ الخطوات الضرورية لتبني التشريعات والإجراءات الأخرى اللازمة لتفعيل الحقوق الواردة بالميثاق . وكما ذكرت لجنة حقوق الإنسان:” إن هدف وغرض الميثاق هو إيجاد معايير قانونية ملزمة لحقوق الإنسان من خلال تحديد الحقوق المدنية والسياسية ووضعها في إطار الالتزامات الملزمة قانونا لتلك الدول المصدقة على الميثاق وتقديم آلية رقابة فاعلة للالتزامات المتعهد بها”. وينطبق هذا الميثاق على جميع المحاكمات والمحاكم سواء كانت عامة أو خاصة ،كما ينطبق على جميع الأطراف في القضايا المدنية والجنائية سواء كانوا مدعين أو متهمين .

ويوضح الملحق لتقرير ليبيا الدوري الثالث المقدم في 15 أكتوبر 1997 العلاقة بين الميثاق والتشريع الليبي طبقاً للأجزاء 34 و 35 من الملحق كل اتفاقية دولية تكون ليبيا طرفاً فيها تحمل صفة الإلزام كجزء من التشريع الوطني المحلي بعد تصديقها ونشرها في الجريدة الرسمية وفى حالة أن شرطاً قانونياً لاتفاقية دولية مثل الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية لم ينعكس فيما يماثله في التشريع الوطني ،فان الشرط في الاتفاقية الدولية يكون نافذا وملزما في تشريع البلد ويحق لأي طرف استخدام أي من شروط تلك الاتفاقية الدولية امام القضاء الوطني والذى يكون مُلزماً بالإقرار بهذا الطلب للوائح التقاضي وضمن إطار الحكمة المتمثلة بالقانون .

وأجزاء الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية المتعلقة بمعايير العدالة الجنائية بالاضافة إلى التعليقات ذات العلاقة من طرف لجنة حقوق الإنسان وهي كما يلي :

المادة (2) : (1) تتعهد كل دولة عضو باحترام وتأمين أن جميع الأفراد في بلدها يتمتعون بالحقوق الواردة في الميثاق ،بدون تمييز من أي نوع بسبب الجنس أو اللون أو النوع الاجتماعي أو اللغة أو الملكية أو مكان الميلاد أو وضع آخر .

(2) وعندما لا تكون هناك نصوص في التشريع القائم ،تتعهد كل دولة باتخاذ الإجراءات اللازمة طبقا لعملياتها الدستورية لتبني تشريعات أو اية إجراءات أخرى قد تكون ضرورية لتفعيل الحقوق الواردة في الميثاق .

(3) تتعهد كل دولة تكون طرفا في الميثاق أن تضمن أن كل فرد تتعرض حقوقه للخرق سيحصل على إصلاح هذا الخرق بغض النظر إذا كان هذا الخرق قد تم ارتكابه من فرد يتمتع بصفة رسمية ،وضمان بأن اي فرد يطلب هذا الإصلاح سيتم تحديد حقوقه من طرف جهة قضائية أو إدارية أو تشريعية مختصة ،والقيام بتطوير وسائل علاج قضائية وضمان بأن السلطات المختصة ستقوم بتنفيذ مثل هذه الوسائل التي وضعتها .

مادة (3) : تتعهد الدول الموقعة على الميثاق ضمان حقوق متساوية للرجل والمرأة في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية الواردة في الميثاق .

مادة (4) : في أحوال الطوارئ الوطنية التي تتهدد فيها حياة الدولة الموقعة على الميثاق ،قد تقوم هذه الدولة باتخاذ إجراءات تنقص من التزامات الميثاق إلى الحد الضروري جداً، بشرط أن لا تخرج مثل هذه الإجراءات عن الإجراءات الاخرى بموجب القانون الدولي ولا تشكل تمييزا على أساس الجنس أو اللون أو النوع الاجتماعي أو اللغة أو الدين أو الاصل الاجتماعي وعلى أية حال لا يجوز مثل هذا الخروج عن الالتزامات أن يخرق المواد الاساسية حتي في حالات الطوارئ.

مادة (6) : كل إنسان له حق الحياة ولا يجوز حرمان الإنسان من حياته بطريقة غير قانونية . وفي البلدان التي لم تقم بإلغاء عقوبة الإعدام يمكن فرض عقوبة الموت فقط في حالة أخطر الجرائم فقط طبقا للقانون النافذ عند قيام الجريمة ولا يتناقض مع نصوص الميثاق ويمكن فرض عقوبة الموت فقط في أكبر الجرائم خطراً ويشمل ذلك نصوصاً وتقييدات أخرى تتعلق بفرض عقوبة الموت .

-تعليق لجنة حقوق الإنسان : فبينما يُفهم من هذه المادة بأن الدول غير ملزمة بالغاء عقوبة الإعدام إلا أنها ملزمة بتقييدها وبالغائها للجرائم التي ليست الأكثر خطرا وطبقا لذلك ، يترتب على الدول أن تراجع قوانينها الجنائية على ضوء ذلك وتلتزم في جميع الاحوال على تحديد تنفيذ الإعدام وقصرها على الجرائم الاكثر خطرا ويجب النظر في جميع إجراءات الإلغاء . يجب قراءة مفهوم الجرائم الاكثر خطرا بطريقة بحيث يعني أن عقوبة الإعدام يجب أن تكون استثنائية ويمكن فرضها فقط طبقا للقانون النافذ حين ارتكاب الجريمة وبما لا يتعارض مع الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية . ويجب اتباع الضمانات الإجرائية وبما في ذلك الحق في محاكمة عادلة من طرف محكمة مستقلة والتأسيس على مبدأالبراءة والحد الأدني من الضمانات للدفاع وحق مراجعة الحكم من طرف محكمة أعلى.

المادة(7) : يجب أن لا يتعرض أحد للتعذيب أو القسوة أو المعاملة غير الإنسانية والمذلة والعقاب. ويعرف التعذيب في الميثاق ضد التعذيب والمعاملة القاسية المذلة غير الإنسانية والعقابية على أنه “أي عمل يسبب ألماً بالغاً أو معاناة جسدية كانت أو عقلية وتم إنزالها على فرد عمدا لهذه الأغراض مثل الحصول منه أو من فرد ثالث على معلومات أو اعتراف يؤدى على عقابه على عمل قام به أو فرد ثالث أو تم الشك على أنه قام بارتكاب العمل، أو تخويفه أو الضغط عليه أو فرد ثالث أو سبب يقوم على التمييز من أي نوع ،عندما يكون هذا الألم أو المعاناة قد تم إنزالها بتحريض أو بموفقة أو رضى مسؤول عام أو أي شخص يقوم بذلك بصفة رسمية”. وأصبحت ليبيا طرفا للميثاق ضد التعذيب وأي معاملة قاسية مذلة وغير انسانية أو عقابية منذ 15 يونيو 1989.

– تعليق لجنة حقوق الإنسان: وحتى في حالات الطورائ، هذا الجزء غير قابل للمساس به .

ويعتبر تنفيذ هذه المادة كافيا لمنع أي معاملة أو عقاب أو اعتباره جريمة، وتملك معظم الدول لوائح عقابية تطبق في حالات التعذيب أو الإجراءات المشابهة . ولأن القضايا التي تشمل التعذيب تحدث يترتب على الدول ضمان حماية فاعلة من خلال آلية مراقبة، ويجب التحقيق بالشكاوى المتعلقة بالمعاملة السيئة من طرف السلطات المعنية .

ويجب تحميل المسؤولية للذين تثبت إدانتهم بذلك كما يجب جبر الضرر عن الضحايا وبما في ذلك الحق في التعويض . ومن بين وسائل الحماية التي تجعل الرقابة فاعلة هي توفر لوائح ضد الإيقاف العزلي وإتاحة الفرصة وبدون المساس بالتحقيق، لأفراد مثل الأطباء والمحامين وأفراد العائلة من زيارة الموقوفين، ولوائح تقضي أن تكون أماكن الإيقاف معروفة لدى الجمهور ويجب ادخال أسماء هذه الأماكن في قائمة تتوفر للمعنيين مثل الأقارب، كما يجب أن تكون هناك لوائح تقضي بأن الاعترافات نتيجة التعذيب أو أية معاملات أخرى تكون غير مقبولة في المحكمة، وإضافة لذلك يجب التأكيد في عملية تدريب موظفي الضبط القضائي على عدم استخدام مثل هذه الإجراءات.

المادة (9)

(1) يحق لكل فرد أن يتمتع بالحرية والأمن ولا يجوز أن يتعرض أي فرد للقبض أو التوقيف غير القانوني، ولا يجوز حرمان أي فرد من حريته ما عدا الحالات التي يخولها القانون.

(2) كل فرد يتم توقيفه يتم إعلامه عند التوقيف عن الأسباب التي استدعت ذلك والتهم الموجهة ضده.

(3) كل فرد يقبض عليه أو يُوقف بتهمة جنائية يجب أن يُقدم إلى القاضي أو شخص آخر مخول قانوناً لممارسة السلطة القضائية ويحق له أن يتمتع بمحاكمة عادلة أو يُطلق سراحه، ولا يقضي الحكم العام بأن الأفراد الذين ينتظرون المحاكمة يجب توقيفهم ولكن إطلاق سراحهم يخضع لتقديم ضمانات للمثول أمام المحكمة في أية مرحلة من وقائع القضية أو في حالة تنفيذ الحكم إذا صدر ضدهم.

(4) كل فرد يتم حرمانه من حريته بالقبض أو التوقيف يحق له أن يتظلم أمام المحكمة حتى تقرر المحكمة بدون تأخير مشروعية توقيفه والأمر بإطلاق سراحه إذا كان توقيفه غير قانوني.

(5) كل فرد كان ضحية قبض أو توقيف غير مشروع يحق له الحصول على تعويض مقابل ذلك.

– تعليق لجنة حقوق الإنسان : تأطير زمن للمثول أمام القاضي لتقرير مشروعية التوقيف يتم تحديده بالقانون في كل بلد ولكن يجب أن لا يتجاوز بضعة أيام.

وبخصوص مجموع مدة التوقيف قبل المحاكمة يجب أن يكون استثنائياً ولأقصر مدة ممكنة.

وإذا كان التوقيف وقائياً لأسباب تتعلق بالأمن العام فإن ذلك يقتضي أن يكون قانونياً يقوم على أسس وإجراءات قانونية.

المادة (10) : كل الأفراد الذين حُرموا من حريتهم يجب أن يعاملوا معاملة إنسانية تحترم كرامة الإنسان، وفيما عدا الظروف الاستثنائية فإن الأفراد المتهمين يجب أن يتم فصلهم عن الأفراد الذين صدر الحكم ضدهم، كما يجب فصل الأحداث المتهمين عن البالغين وتقديمهم للمحاكمة بأسرع وقت ممكن، ويُخاطب نظام حبس التأديب والإصلاح معاملة السجناء ويتمثل الهدف الرئيسي في إصلاحهم وإعادة تأهيلهم، ويتم فصل الأحداث عن البالغين وتقدم للمراهقين معاملة تناسب أعمارهم ووضعهم القانوني .

المادة (11) : لا يجوز سجن أي فرد لعدم قدرته الإيفاء بالتزام تعاقدي.

المادة (14) : (1) جميع الأفراد متساوون أمام المحاكم والمحاكمات، ويحق لكل فرد في حالة توجيه تهمة له في إطار دعوى قانونية الحصول على محاكمة علنية عادلة من طرف محكمة مستقلة مختصة وغير متحيزة مقامة على أساس القانون، ويمكن إبعاد الصحافة والجمهور من كل المحاكمة أو جزء منها لأسباب أخلاقية أو تمس الأمن الوطني في مجتمع ديمقراطي، أو عندما مصالح الناس تقتضي ذلك، أو عندما تقتضي الحاجة بأضيق قدر ممكن إذا رأت المحكمة أن علنية المحاكمة ستسيء إلى العدالة، ولكن سيتم الإعلان عن قرار المحكمة في أي قضية جنائية أو أي دعوى ما عدا إذا اقتضت مصلحة الأحداث غير ذلك، أو إذا كانت وقائع المحاكمة تخص خلافات زوجية أو حضانة الأطفال.

– تعليق لجنة حقوق الإنسان : تهدف جميع هذه الإجراءات لضمان الإدارة الصحيحة للعدالة وتنطبق على القضايا الجنائية والمدنية أمام جميع المحاكم والمحكمات سواء كانت عادية أو متخصصة، وتمثل هذه المواد الحد الأدنى من الضمانات وتطبيقها لا يكون دائماً كافياً لضمان عدالة القضية بموجب الميثاق.

ويجب أن تؤمن الدول أن أحكامها الدستورية والتشريعية تضمن أن المحاكم مستقلة غير متحيزة وكفؤة وخاصة فيما يتعلق بالطريقة التي يتم بها تعيين القضاة ومؤهلات التعيين ومدته، أما شروط الترقية والنقل للقضاة وإيقاف عملهم القضائي واستقلال السلطة القضائية عن السلطة التشريعية والتنفيذية فتعتبر أموراً مهمة أيضاً.

تعتبر علنية المحاكمة أمراً مهماً في ضمان مصالح الفرد والمجتمع ككل، ويُقر الميثاق بأحقية المحكمة أن تُبعد كل الجمهور أو جزء منه للأسباب الواردة في هذه المادة، وبشكل عام، فإن جلسات المحاكم يجب أن تكون علنية بما في ذلك الصحافة وأن لا تقتصر على فئة خاصة من الناس، وحتى في القضايا المغلقة يجب أن تكون الأحكام علنية.

ومن الحد الأدنى من الضمانات في الجلسات الجنائية هو حق كل فرد أن يتم إعلامه بلغة يفهمها عن التهمة الموجهة إليه، ويعني ذلك إعلام المتهم بمجرد توجيه التهمة من سلطة مختصة، ويدخل في ذلك، عندما يقرر التحقيق في المحكمة أو النيابة اتخاذ إجراءات ضد فرد مشتبه به في ارتكاب جريمة أو إتهامه علناً بذلك.. ويمكن تلبية ذلك بذكر التهمة شفاهة أو تحريراً، بشرط أن تعكس المعلومات القانون والحقائق المدعاة بها التي تقوم عليها التهمة.

(2) كل شخص متهم بمخالفة جنائية يملك الحق بأن يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته طبقاً للقانون.

– تعليق لجنة حقوق الإنسان : إن استمرار البراءة أمر أساسي لحماية حقوق الإنسان ويعني ذلك أن عبء دليل الاتهام يقع على النيابة وأن المتهم يملك الحق في الفائدة من الظن أو الشك، لايمكن إثبات الإدانة حتى يتم إثبات التهمة بدون أي شك.

(3) عند تقرير أي تهمة جنائية، يحق لكل فرد الحصول على الحد الأدنى من الضمانات التالية وعلى قدم المساواة :

أ- إعلام المتهم بالتهم مفصلة باللغة التي يفهمها.

– تعليق لجنة حقوق الإنسان: ينطبق هذا سواء كان المتهم مقبوضاً عليه أو لا، يجب ذكر المعلومات سواء شفهياً أو تحريرياً ويجب أن تشمل هذه المعلومات القانون والحقائق المدعى بها، وينطبق ذلك بمجرد توجيه التهمة من قبل سلطة مختصة.

ب – الحصول على الوقت الكافي والتسهيلات لإعداد الدفاع والاتصال بالمستشار الذي يختاره المتهم .

– تعليق لجنة حقوق الإنسان : الوقت المناسب يعتمد على الظروف في كل قضية وتلك التسهيلات يجب أن تشمل الحق بالوصول إلى الوثائق والأدلة الأخرى التي يطلبها المتهم لإعداد قضيته بالإضافة إلى الفرصة للاتصال بالإستشارة القانونية، وعندما لا ينوي المتهم الدفاع عن نفسه شخصياً أو يطلب شخصاً يختاره، يجب أن يكون قادراً على الاتصال بمحام، وتطلب هذه اللائحة بتمكين المستشار القانوني للاتصال بالمتهم بسرية كاملة ويحق للمحامين الاتصال بعملائهم بدون أي قيد أو مؤثرات أو ضغوط أو تدخل من أي جهة.

ج- أن تجري محاكمة المتهم بدون أي تأخير.

– تعليق لجنة حقوق الإنسان : ينطبق هذا على جميع مراحل المحاكمة من بدايتها إلى نهايتها وأي استئناف لها.

د – أن تتم محاكمة المتهم بحضوره وأن يدافع عن نفسه بنفسه أو من خلال معونة قانونية حسب اختياره، وأن يتم إعلامه إذا لم يكن لديه معونة قانونية بهذا الحق وأن يُخصص له معونة قانونية في أية حال تطلبها العدالة وبدون أي دفعة مالية من جانبه في هذه الحالة إذا لم يكن لديه الأموال الكافية لدفع ذلك.

– تعليق لجنة حقوق الإنسان : يملك المتهم الحق في الحضور أثناء مناقشة التهمة ضده، يجب أن يملك المتهم ومحاميه الحق بالعمل دون خوف في متابعة كل الدفوع المتوفرة والحق في تحدي مجريات القضية إذا اعتقد هو أو محاميه أن المحاكمة غير عادلة، وإذا كانت هناك ظروف استثنائية تبرر أن تكون المحاكمة غيابية، فإن احترام حقوق الدفاع تصبح أكثر ضرورية.

هـ – أن يقوم المتهم بفحص الشهود ضده والحصول على حضور شهود لصالحه بموجب نفس الشروط المتوفرة للشهود ضده.

– تعليق لجنة حقوق الإنسان : يقصد هذا البند القانوني ضمان نفس السلطات القانونية للمتهم في حضور الشهود وفي استجوابهم كما هو الحال المتاح للنيابة.

و- الحصول على معونة مجانية لمترجم إذا لم يستطع أن يفهم أو يتكلم اللغة المستعملة في المحكمة.

– تعليق لجنة حقوق الإنسان : ينطبق هذا على الغرباء والأجانب والمواطنين ويحمل أهمية في القضايا التي تكون بها عدم معرفة اللغة المستعملة في المحكمة تشكل عائقاً في حق الدفاع.

ز- أن لا يُجبر المتهم بالشهادة ضد نفسه أو الاعتراف بالذنب.

– تعليق لجنة حقوق الإنسان : إن الاعترافات والشهادات التي يُجبر عليها المتهم تكون غالباً نتيجة للتعذيب، يجب أن تُطلب القوانين بأن لأدلة المتحصلة في مثل هذه الظروف هي مرفوضة بالكامل.

(4) في حالة الأحداث، يجب أن تأخذ الإجراءات بعين الاعتبار عمر الحدث والرغبة في الإصلاح.

– تعليق لجنة حقوق الإنسان : يجب أن يعطى للأحداث على الأقل نفس الضمانات والحماية الممنوحة للبالغين.

(5) كل من يصدر عليه الحكم بجريمة يملك الحق بمراجعة الحكم عن طريق محكمة أعلى حسب القانون.

– تعليق لجنة حقوق الإنسان: حق الاستئناف لا يقتصر على المخالفات الخطيرة بل يشمل جميع المخالفات.

(6) عندما يصدر الحكم ضد شخص بمخالفة جنائية وعندما يتم نقض هذا الحكم أو يحصل على العفو على أساس أن حقائق جديدة تم معرفتها تدل على أن العدالة لم تكن قد تحققت، فإن هذا الشخص الذي قاس من هذا العقاب نتيجة صدور مثل هذا الحكم سيتم تعويضه طبقاً للقانون، ما لم يثبت أن هذه الحقائق التي لم يتم عرضها ترجع بالكامل أو جزئياً لتقصيره في ذلك.

(7) لا يحق محاكمة أي شخص أو عقابه ضد أي مخالفة سبقت أن صدر الحكم بها أو صدر الحكم ببراءته فيها طبقاُ للقانون والإجراءات الجنائية النافذة في البلد.

المادة (15) : لن يعتبر الفرد مذنباً بأي مخالفة جنائية على أساس أي عمل لا يُشكل مخالفة جنائية طبقاً للقانون الوطني أو الدولي في الوقت الذي تم فيه ارتكاب تلك المخالفة، ولا يحق للفرد عقوبة أكبر من العقوبة التي كانت نافذة وقت ارتكاب الجريمة، وإذا تم إصدار لائحة قانونية لفرد عقوبة أخف بعد ارتكاب الجريمة يحق للجاني الاستفادة من هذا التخفيف بالعقوبة.