ليس بمحض يوم يمُر و إنما يوم يذكرنا  بضرورة كسر ما بقى من أغلال تكبل العقول ، أغلال مبنيةً على فكر رجعي بحت متناسٍ عمق الكيان النسائي و صوته الذي يهُز.

هو يوم ينادي مذكراً بماهية النساء ، ومن هُن ، يوم يذكرنا بتضحياتهن في سبيل بني الإنس و الأمة ، وبصراعهن الأبدي في الوجود.

يوم مؤكد أن للمرأة حقوق كما للرجال ، كيف لا ؟

و هي نبض كل مجتمع و أساسه ، هي الشعلة المستنيرة في قتوم الحياة ، هي الداء و الدواء و من دونها ما يغدو للمجتمع معنى .

و مع كل عِقد يمضي نجد الدور الفعال لهُن خاصةً في صنع القرار و إحداث التغيير للمنعطفات السياسية و الاجتماعية هي الأخرى ؛ فقد وجدنا من تضحياتهن ماهو بكثير في عالمنا المشرقي بالذات ، منهُن العالِمات مثل مريم الإسطرلابي و الأديبات صاحبات القلم الفريد ، و منهُن القياديات اللواتي أثبتن الجدارة في أقوى المهام ، و منهُن المقاومات و من كانوا للوطن مضحيات مثل خالدة أديب ، ليلى خالد ، جميلة بوحيرد و زعيمة الباروني ، و نبوية موسى على سبيل الذكر لا الحصر ، ولا ننسى من كسرن الفكرة المتهالكة في المجتمع الليبي.

لنقول أن للوطن نساء قادرات ، نساء فاعلات ، بأيديهن نبني ما دمرته الحروب و معهُن تنبثق الحياة ، وهنا أستذكر من تركن بصمةً لا تُمحى أمثال خديجة الجهمي ، عايدة سالم الكبتي ، نادرة العويتي و فريدة طريبشان .

و أخريات أجدهُن مصدر إلهام لكل ليبية أثبتن أن التأنيث في ضمائرهن ليس بعائق و إنما ميزة ، كالسيدة ((عزة كامل المقهور و أم العز الفارسي ، د. ليلى اللافي ، نعيمة الرياني ، رفيعة العبيدي و السيدة سالمة لريل ، و انتصار يوسف القذافي و فائزة الباشا و الإعلامية سالمة التومي و حنان أصليل وأخيراً المرحومة التي سكنت الذاكرة فتحية طبطابة )) و غيرهُن العديد دون شك ، وعلى رأسهن الأمهات فكُل شكر لأمهاتنا ، فهُن أولى المضحيات في سبيلنا .

و من هُن في ذروة الشباب يضجن بالحياة كل يوم يذكرن باقتراب النهضة من جديد ، و يذخرن بالأمل و الشروق القريب.

أما اليوم و بحلول تلك الذكرى وعقب كل تلك المعاناة و درب الكفاح لنيل حقوقهن التي كانت بالأساس مشروعة متأصلة في الآدمية الإنسانية ، لا نزال نرى القصر في التنفيذ ، بشكل مؤسف في مجتمعنا الليبي ، ورغم كون ليبيا من أولى الدول المصدقة على اتفاقية(( سيداو))  التي تعني بحقوق النساء، و عهدها بالقرب للمساواة، إلا أننا نقول بكل أسى يتمالك النفس أنه وقبل المضي في التنفيذ الذي بقى مجرد حبر على ورق ،  لابد أن نعالج الإشكالية من الأساس ، لابد أن يدرك الشعب و الأفراد دورهُن و يدركن حجم قوتهن ، تلك القوة التي توجب اظهارها ، فلا سبيل لقيام أمة إلا بهن ، ليأتي المنعطف الأهم ألا وهو توعية المرأة بضرورة كسر حاجز الصمت و التعبير عن ما تكون  ، بضرورة إصرارها على بلوغ ما تريد و استخدام حقها في قمع تلك العقول المغيبة ، و الدفاع عن نفسها  ، فقد حان الأوان لتبني الوطن العزيز يد بيد مع من يستحق ، لأجل غدٍ نستفيق فيه على صوت الحقِ ، غدٍ نستنشق فيه هواء الحريةِ و العدلِ ، غدٍ فيه نقول بكل اعتزاز من نكون ، و ما للتأنيث قيمة لا تتجرأ في الحياة.

بقلم : ميار صلاح الدين