بقلم عبدالرزاق الداهش

يقول فقهاء القانون الوضعي أن حكم المحكمة هو عنوان الحقيقة ونحن نؤمن بأن الحكم هو الحقيقة ذاتها .

وفي قضية مستشفى الأطفال لاحظ العالم أجمع أن هذه القضية قد أخذت أكثر من وقتها وأُتيح للجناة الذين يُفترض أن يُحاكموا بقوانين مكافحة الإرهاب أن يدافعوا عن أنفسهم ولم يوفر دفاعهم وقتاً ولا جهداً في البحث عن أي ثغرة ينفذ منها لتبرئتهم .

وفي الوقت الذي يفترض أن يتلهف العالم أجمع سماع عقوبة قتلة الأطفال الذين استخدموا الحرب الجرثومية لإبادة مئات الأطفال والذين لايزالون يعانون ضراوة الفيروس الفتاك وأهلهم يتعذبون من مشاهدة منظر الموت البطيء يغتال نضارة البراءة في عيونهم .

في الوقت الذي كان يفترض أن يتظاهر العالم أجمع ضد القفازات السوداء مطالباً بإنزال أقسى العقوبات ضد الذين لبسوا المعاطف البيضاء وأمن لهم الناس كأطباء وملائكة للرحمة يهربون إليهم من وجه الألم .

هؤلاء الذين استخدموا أقدس المهن ليمارسوا عن طريقها ألعن الجرائم و أخبثها دونما وازع أو ضمير فأساءوا للمهنة واغتالوا روح الثقة في الطبيب والممرض وتعمدوا استخدام الجرثومة سلاحاً للإبادة وشكلوا أول كتائب الشيطان لقتل أبرياء من شعب مسالم دون جريرة أو هدف .

الحديث عن بشاعة الجريمة لا ينتهي لكن الأبشع أن نجد من يتجاهل عذابات الأطفال الأبرياء وأسرهم، من يحاول أن يتناسى آلامهم ويقفز على معاناتهم.. مما يدفع للسؤال هل هناك تراتبية في حقوق الإنسان أم أن الإنسان هو وحده صاحب اللون الأشقر والعيون الزرقاء ..؟

هل الصينيون والهنود والعرب والأفارقة وغيرهم من الأمم ينتمون لفصيلة أخرى أم حقوق الإنسان تصبح حقوقاً عندما تتجه شمالاً وتسقط بالاتجاه جنوباً .

ومن يتحدث عن حقوق الإنسان ..!!

ألا يجدر بالبعض أن يخجل من الظهور والتحدث وهو الذي يرفل في العار بعد أن أصبحت فضائحه علنية وموقفه مأساوياً.. ألا يجدر بهؤلاء أن يغتسلوا مما وصفته شعوبهم وقنواتهم وصحفهم بالعار قبل أن يتحدثوا أو حتى يخرجوا لوسائل الإعلام..؟

أم أنهم متضامون مع هؤلاء، راضون بجريمتهم وأنهم يدافعون عن كل من يسعى لإبادة الآخرين، وأن هناك حملة إبادة عنصرية غير معلنة..؟

إشارات استفهام كثيرة وكبيرة عن الذين لبسوا المعاطف الصفراء وأعلنوا حالة الطوارئ وأخلوا المكاتب وفتشوا الرسائل بحثاً عن عصيات الجمرة التي اتضح أنها تمثيلية ثم جاءوا يبكون على ثلة من السفاحين الذين يستحيل أن يرتبطوا مع الإنسانية بأي وصف ومارسوا القتل بروح الهواية والغواية وسحقوا مستقبل وصحة وبراءة المئات دون أن يرف لهم جفن أو يؤنبهم وازع من ضمير .

من يبكي على هؤلاء لن يكون إلا منهم بل جريمته أدهى وأمر بأن يبرر قتل الأطفال ويدق إسفيناً ليميز بين الأرواح البشرية لتصبح درجات مثل تسعيرة الخضار، ويجرح كرامة مئات الأسر ويزيد من معاناتها وهي التي انتظرت سنيناً الحكم العادل .

إن خطابنا هذا للعقلاء وأصحاب الضمائر، أما كثير من الذين يغيّرون خطابهم كما يغيّرون ثيابهم فإننا نقول لهم إن لم تستح فأهذر بما شئت .. وقبل أن تقيّم عدالة الآخرين تطهر من آثام جرائمك واستح من عذابات ضحاياك .

نعود للتأكيد بأن أحكامنا في الحقيقة ذاتها وما عداها باطل أُريد به باطل .