تلعب الخبرة القضائية بصفة عامة والخبرة الجنائية بصفة خاصة دوراً مهماً في كشف جرائم التزييف والتزوير ، والأسلحة والذخائر وتعد البنية الرئيسة التي تعتمد عليها المحاكم والنيابات في إثبات الركن المادي في هذه الجرائم وتعتبر جرائم التزييف والتزوير ذات خطورة بالغة الأهمية وذلك بسبب تطورها وتطور أساليبها، كلما تقدمت الحضارة وتطورت العلوم وتقدمت عقلية وإمكانيات المجرمين .
يبقى الصراع بين العلم والجريمة قائماً فالأول يسعى إلى اكتشافها ومكافحتها والتقليل من أضرارها أما الثانية يستغل مرتكبوها التطور باستخدام التقنيات الحديثة في عمليات التزوير للنصب والاحتيال لذلك فإن الأمر يتطلب تعاون الأجهزة الأمنية بالدولة كافة لمكافحة الجرائم ولكي تتحقق هذه المعادلة يقوم مركز الخبرة القضائية والبحوث بأدوار مهمة في هذا المجال عن طريق إدارة الخبرة الجنائية وهى إحدى الإدارات التابعة لمركز الخبرة أنشئت عام 2012م بموجب القرار ( 755) الصادر عن مجلس الوزراء بشأن اعتماد الهيكل التنظيمي للمركز، تحوي إدارة الخبرة الجنائية قسم الشؤون الإدارية والمالية، وقسم الأبحاث والتزييف والتزوير وقسم الأسلحة والذخائر و قسم الحرائق والانفجارات يضم ثمانية عشر عنصراً ممن توافرت فيهم شروط وصفات الخبير وعلى معرفة بطبيعة عمل القسم.
قمنا بزيارة لإدارة الخبرة الجنائية والتقينا بالخبير فوزي ميلود الواعر مدير الإدارة الذي رحب بنا مجيباً على تساؤلاتنا خلال متابعتنا لأنشطة المعامل والمختبرات حيث أكد بأن أقسام الإدارة تعمل بشكل اعتيادي ولم تتوقف عن العمل باستثناء قسم الآلات الذي يتبع قسم الأسلحة والذخائر وهو حديث الإنشاء وإضافة لتطوير عمل الإدارة تم ترشيح عنصر لتلقى دورة بجهاز المباحث الجنائية وبصدد تأهيله لدورة خارجية كخبير آلات، يتزامن هذا مع إجراءات تجهيز القسم بالالات والمعدات لتفعيله كما أوضح أن طبيعة عمل الخبراء تتطلب مواصفات معينة لمزاولتها خاصة من انضموا مؤخراً اعتماداً على المؤهل العلمي بالدرجة الأولى سواء كان خريج كلية العلوم قسم كيمياء أو معاهد الحاسوب العليا بالإضافة الى توافر عنصر الأمانة والمحافظة على سرية العمل وحسن الاخلاق إذ ليس من السهل إطلاق صفة الخبير فهى تعني الكثير وذات مدلول عميق يتم ترشيح أي خبير للعمل بالإدارة من خلال برنامج تدريبي يتم فيه التركيز على النقاط سالفة الذكر.
أما فيما يتعلق بارتفاع مؤشرات التزييف والتزوير والجريمة من عدمها قال ارتفعت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة باستخدام تقنيات حديثة خاصة في العملات والشهادات العلمية والبطاقات الشخصية وجوازات السفر والتأشيرات وبعض المستندات والمعاملات التي ترد إلينا بشكل يومي، وصل الأمر إلى حد التزوير بواسطة الماسحة الضوئية ( الطابعة الملونة) كل هذه التحديات استوجب إستجلاب أجهزة متطورة لإدارة الخبرة الجنائية تساعد على تسيير العمل واكتشاف الجرائم التي أصبحت تتسم بالتقنية الحديثة حيث تم اكتشاف جرائم معقدة وعلى درجة عالية من الدقة في التزوير واسترجاع أموال طائلة لخزينة الدولة بفضل خبراء ليبيين على درجة عالية من الكفاءة.
موضحاً في ذات السياق أن إحصائية أعمال الإدارة لهذا العام وصلت إلى 75 % من الانجاز خلال الربع الأول والثاني والثالث بفضل خبراء قسمي التزوير والتزييف والأسلحة والذخائر الفعالة حيث قام قسم الأبحاث والتزوير بفحص المستندات والصكوك وجوازات السفر والبطاقات الشخصية والمستندات المطعون بها للتزوير بالإضافة الى العملة والوثائق الرسمية الواردة مع جزء بسيط من المرحل وصل إلى (105) قضية، فعلى سبيل المثال الصكوك (39) قضية والعملة (4) قضايا، المجموع 117 قضية أما قسم الأسلحة والذخائر ورد إليه إلى غاية مطلع شهر أكتوبر ( 120 ) قضية نسبة الإنجاز 100 % رغم وجود اثنين فقط من الخبراء ومساعد خبير تمكنوا رغم الكم الهائل الوارد إليهم من إنجاز الأعمال المنوطة بهم المبذولة كما تم تدارس إحصائية عام 2018 بناء على طلب مكتب التفتيش بشكل مفصل ليستفيد منها مراكز البحوث والدراسات في إجراء أبحاثه لمعرفة أنواع الجرائم وتطورها ومحاولة مكافحتها باعتبارها جرائم ذات طابع دولي قبل أن تكون محلية وآثارها خطيرة على المجتمع.
منوهاً بضرورة توفير الأساليب الوقائية التي تحول دون وقوع الجريمة أو الحد منها وذلك بتوفير الحماية الفنية في الوثائق والمستندات الرسمية لمنع تزويرها والمتمثلة في تأمين الورق والطباعة وتجهيز المعامل والمختبرات الجنائية ودعمها بالأجهزة الفنية المتطورة في كشف التزوير مع تأهيل الكوادر الفنية المختصة في هذا المجال بدورات تدريبية متقدمة والمشاركة في الملتقيات الدولية الخاصة بذلك إضافة إلى إبداء الرأى الفني في إصدار العملات الجديدة وجوازات السفر وجميع الوثائق الرسمية لوضع وسائل الأمان الكافية لحمايتها من التزوير.
وألقى الواعر باللائمة خلال حديثه على الجهات السيادية بالدولة الليبية مثل مصرف ليبيا المركزي ومصلحة الجوازات التابعة لوزارة الداخلية ومصلحة الأحوال المدنية لعدم مخاطبتهم وإشراكهم في وضع مقترحات لوسائل الأمان وهى أمور فنية يختص بها مركز الخبرة بالدرجة الأولى بالتعاون مع المختصين منعاً لحدوث التزوير عند إصدار أى عملة جديدة أو جواز سفر أو بطاقة شخصية جديدة وفي بلادنا نتفاجأ بوجود إصدارات لعملة جديدة وجوازات سفر لدى المواطنين دون علمنا فتعرض علينا بعد وقوع تزويرها لمعرفتها ان كانت أصلية أم مزوره من الناحية القانونية، لذا نتمنى من الجهأت المذكورة عند قيامها بالإصدار أن تضع أهل الاختصاص في الصورة عن طريق تشكيل لجان فنية تقوم بوضع مقترحات لوسائل الأمان أسوة بالمعمول به في باقي دول العالم رغم مناشدتنا المتكررة بالخصوص.
كما أضاف بأن الإدارة قامت باستحداث تخصص جديد إلى قسم الأبحاث والتزييف والتزوير ( فحص البصمات ) الموجودة على المستندات فقط باعتبارها ظاهرة انتشرت مؤخراً قضايا الطعن فيها أمام المحاكم والنيابات لذلك تم إيفاد أربعة خبراء الى جمهورية مصر العربية في دورة فحص البصمات الى جانب أعمالهم في مجال التزييف والتزوير بسبب تزايد القضايا الواردة إلينا حول مشاكل التوقيع والبصمة على المستندات الرسمية والوثائق وهى إضافة جديدة نطمح من خلالها لتطوير كفاءات الخبراء في كل المجالات التي تعنى بالجريمة وتطورها.
لافتاً إلى عدة مشاكل وعراقيل تواجه سير العمل يمكن التغلب عليها للوصول الى أعلى مستويات الأداء الوظيفي تمثلت في نقص العنصر البشري من الخبراء لتغطية كافة مناطق ليبيا للحجم الهائل من القضايا الواردة إلينا مع تأهيل الفنيين المختصين من خلال دورات متقدمة لمواكبة جرائم الحضارة والاطلاع على ما هو جديد بالمشاركة في الملتقيات الدولية بالخصوص ومواكبة التطور الحاصل به إضافة إلى مطالبة المحاكم والنيابات عند قيامهم بإصدار تكليفات بخصوص ندب خبير ضرورة إحالة أصل المستندات والمتهمين أو أصل الصكوك أو المستند موضوع القضية أو المبرزة لتوفير الوقت والجهد عند إعداد التقارير الفنية منوهاً بخطورة عمل الخبراء بهذا المجال نظراً للمسؤولية الملقاة على عاتقهم ، فقد صنفوا في العالم ( بالقاضي الفني ) فهو عمل فني دقيق يتعرض العاملون فيه للأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء وكذلك المحاليل الكيميائية إضافة إلى خبراء الأسلحة عندما يتعاملون مع مقذوف استخرج من جثة وبه دماء (محرز ) الأمر الذي يستدعي التحفيز بميزات خاصة ولتشجيعهم نظراً للعزوف عن مزاولة الطب الشرعي أو وجود كليات متخصصة بمجالات الخبرة القضائية تقوم بتخريج فنيين يعتمد المركز عليهم في تطوير واستحداث أقسام جديدة رغم قيامنا بإعداد كوادر جديدة تم تدريبهم مؤخراً واعتمادهم قد باشرو أعمالهم المنوطة بهم.
شاكراً رئيس مركز الخبرة القضائية والبحوث على الدعم المقدم للإدارة والجهود المبذولة لتذليل كافة الصعاب.
ضرورة استيفاء التكليفات الواردة إلينا من المحاكم والنيابات لاختصار الوقت والجهد