لقد صدر القانون رقم 7 لسنة 1990 بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية ونشر بتاريخ 10 / 6 / 1990 ونصت المادة 59 على أن (( يعمل بهذا القانون من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وينشر في وسائل الإعلام المختلفة. )) ونصت المادة (1) فقرة ب على (( ويقصد بالمؤثرات العقلية المواد المبينة في الجدول الملحق رقم (2). )) ونصت المادة (55) منه على (( للجنة الشعبية العامة أن تعدل بقرار منها الجداول الملحقة بهذا القانون بالحذف أو بالإضافة أو بتغيير النسب فيها وذلك بناء على اقتراح اللجنة الشعبية العامة للصحة.)) ثم عدل بموجب القانون رقم 23 لسنة 2002 والذي نشر بتاريخ 20 / 2 / 2002 بشأن تعديل وإضافة بعض الأحكام إلى القانون رقم (7) لسنة 1990 بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية حيث نصت المادة (7) منه على أن (( يستبدل بالجداول الملحقة بالقانون رقم (7) لسنة 1990 إفرنجي المشار إليه الجداول الملحقة بهذا القانون، ويجوز بقرار من أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل والأمن العام إضافة مواد أو بيانات أخرى إلى الجداول المذكورة. ))
ولم يكن الجدول الأصلي او الجدول المعدل يحتوي على العقار ترامادول هيدرو كلورايد -(Tramadol hydrochloride ) من ضمن المؤثرات العقلية او المخدرات . والترامادول عقار دوائي وكما تقول الموسوعة ا لدولية عنه (( ترامادول (بالإنجليزية: Tramadol)‏ هو مسكن ألم مركزي له مفعول مقارب للكودايين، وهو نظير هذا الأخير. ويصنف ضمن مسكنات الألم من النوع 2. يؤثر على نفس مستقبلات المورفين، وهو منافس على المستقبلات المورفينية. هو لا يحدد مفعول المورفينات الأخرى، وهو يسبب ادمانا ولكن بصفة أقل من باقي المورفينات المنافسة على نفس المستقبلات ويحذر الأطباء من تناوله دون إرشادات طبية لأن له خطورة بالغة جدا ويسبب الكثير من الأمراض العصبية. ))
وبالاطلاع والمراجعة المتكررة على الجداول الملحقة بالقانونين المذكورين لم تجد عقار الترامادول من ضمن المؤثرات العقلية او الجواهر المخدرة بمعنى انه عقار مباح لم نجده حتى في قانون المخدرات الصادر سنة 1971 ..
وبتاريخ 29/5/2012 صدر قرار من السيد وزير الداخلية يحمل رقم 891 لسنة 2012 بشأن أضافة عقار دوائي لجدول المواد المخدرة حيث نصت المادة (1) منه على أن (( يضاف العقار الدوائي تراما دول لجدول المواد المخدرة الاسم العلمي هيدرو كلورايد ونصت المادة الثانية على ان يعمل بهذا القرار اعتبارا من تاريخ صدوره ))
ويلاحظ على التعديل الصادر بالقانون رقم 23 لسنة 2002 انه عدل ما كان في القانون الصادر سنة 1990 فقد كانت إضافة المواد المخدرة او المؤثرات العقلية للجداول الملحقة بالقانون تتم بقرار من مجلس الوزراء( اللجنة الشعبية العامة سابقا )) وبناء على اقتراح وزير الصحة ، اما التعديل فقد جعل الاختصاص بإصدار قرار الإضافة الى أمين اللجنة الشسعبية العام للعدل والأمن العام ( وزيرا العدل والداخلية الان ) .
فحاول وزير الداخلية بقراره رقم 891 / 2012 إضافة هذا العقار الى الجدول إلا ان هذا القرار معيب من عدة وجوه :
1) ان المادة 7 من القانون رقم 23 لسنة 2002 اشترطت ان يصدر قرار الإضافة من أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل والأمن الأمن ، وحيث انه منذ ثورة 17 فبراير انقسمت وزارة العدل والأمن العام الى وزارتين هما وزارة العدل ووزارة الداخلية فمن هو الوزير ا لمختص لماذا لا يكون وزير العدل ؟ مما يجعل هذه الإضافة محلا للطعن اذا عرضت امام القضاء
2) ان الإضافة لم تكن لجدول المؤثرات العقلية بل كانت لجدول المخدرات والمعروف ان المؤثرات العقلية هي أصلا أدوية غير مخدرة ولكن تعطي مفعول الإدمان بتأثيرها عل المستقبلات العصبية .
3) ان القرار نص على العمل به من تاريخ صدوره ولم ينص على العمل به اعتبارا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية ,
4) ان هذا القرار صدر كما تصدر القرارات الإدارية الداخلية فلم ينشر بالجريدة الرسمية، إنما عمم على أقسام مكافحة المخدرات وأصبحت ا لتقارير تعطي اعتمادا على ا لتعميم فقد مما أوهم خبراء تحليل المواد المخدرة والمؤثرات العقلية وأصبحت الأحكام تصدر بناء على ذلك .
لقد تفطنت وزارة العدل و الداخلية في حكومة الوفاق  الى ذلك فصدر القرار رقم 2 لسنة 2020 بإضافة عقار لجداول المواد المخدرة وقد تم توقعيه من السيدين وزير الداخلية ووزير العدل معا بتاريخ 29/5/2012 حيث نصت ا لمادة (1) منه على ان (( يضاف العقار الدوائي ترامادول لجدوال المواد ا لمخدرة – الاسم التجاري ( تراما دول – (TRAMADOL HYDROCHLORIDE) ونصت المادة (2) منه على ان يعمل بهذا القرار بعد مضي ثلاثين يوما من تشره في الجريدة الرسمية ويلغى كل حكم يخالف أحكامه وعلى الجهات المختصة تنفيذه ) وحيث ان القرار قد نشر في الجريدة الرسمية التي تصدر من حكومة الوفاق بتاريخ 9/2/2020 وبذلك فان نفاذه يبدأ اعتبارا من 9/3/2020م الا ان هذا القرار قد يسري في المحاكم التي تقع في المناطق الخاضعة لحكومة الوفاق ولايسري في المناطق الخاضعة للحكومة التابعة لمحلس النواب ، فإن هذا الفعل يظل مباحا الى ان يصدر قرار مماثل موقع من السيدين وزيري الداخلية والعدل في الحكومة التابعة لمجلس النواب ..
ويثير هذا الموضوع مسالة قانونية هامة وهي : العلم بالقانون ، فالأصل في الأشياء الاباحة الى ان يصدر ما يجرمها حتى تخضع للنظام العقابي وقد نصت المادة 21 من الإعلان الدستوري ( مقترح فبراير ) (( تكون التشريعات نافذة بعد انقضاء خمسة عشر يوما من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية ويجوز تخفيض هذا الميعاد أو إطالته بنص خاص فيها )) ، وحيث ان إضافة عقار طبي الى جدول المخدرات هو عمل تشريعي فوض المشرع فيه وزير العدل والأمن العام فالأصل ان هذه ا لمواد موجودة في الجدول الملحقة بالقانون وفوض استثناء وزير العدل والامن العام وقبله اللجنة الشعبية العامة بإضافة مواد أخرى.
توجد سوابق كثيرة في القضاء الدستوري ا لمصري على عدم دستورية مثل هذا القرار حيث قالت في أحد احكامها (( وحيث إن ما تقدم مؤداه إن نشر القاعدة القانونية ضمان لعلانيتها وذيوع أحكامها واتصالها بمن يعنيهم أمرها ، وامتناع القول بالجهل بها ، وكان هذا النشر يعتبر كافلاً وقوفهم على ماهيتها ومحتواها ونطاقها ، حائلاً دون تنصلهم منها ، ولو لم يكن علمهم بها قد صار يقينيًا ، أو كان إدراكهم لمضمونها واهيًا . وكان حملهم قبل نشرها على النزول عليها – وهم من الأغيار فى مجال تطبيقها – متضمنًا إخلالاً بحرياتهم أو بالحقوق التى كفلها الدستور ، دون التقيد بالوسائل القانونية التى حدد تخومها وفصل أوضاعها ، فقد تعين القول بأن القاعدة القانونية التى لا تنشر ، لا تتضمن إخطارًا كافيًا بمضمونها ولا بشروط تطبيقها ، فلا تتكامل مقوماتها التى اعتبر الدستور تحققها شرطًا لجواز التدخل بها لتنظيم الحقوق والحريات على اختلافها ، وعلى ما اتصل منها بصون الحرية الشخصية ، والحق فى الملكية … فحكمت بعدم دستورية قرار محافظ المنوفية رقم 482 الصادر بتاريخ 5/12/1987 ، وألزمت الحكومة بالمصروفات ، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة ))
ونخلص من ذلك ان الأمر بالنسبة لدولة ليبيا مختلف فلا جريمة ولا عقوبة الا بنص ، ومن ثم فان حيازة او تعاطي عقار ترامادول غير مجرم ونهيب بالسيدين وزيري الداخلية والعدل ان يصدر ا قرارا بإضافته على جدول المؤثرات العقلية على النمط الذي صدر في حكومة الوفاق  .
والله ولي التوفيق
المستشار جمعة عبدالله بوزيد
<img class="j1lvzwm4" src="data:;base64, ” width=”18″ height=”18″ />
٥٥
أعجبني

تعليق
مشاركة

التعليقات