(سعيدُ العلم غير كُل سعيد )

“أنت يا أيٌها السعيدُ سعيدّ  ..  ترشف العلم منذُ كنت وليداً

واليد يملأ المحافل علماً  ..  نظراً ثاقباً وفكراً سديداً

 

أبيات كتبها شاعر ليبيا الراحل عبد المولى البغدادي ليبتدع بكل حرف بالقصيدة..فما سعيدُنا إلاّ مَن بالدين ارتشف فـبات سعيداً غير كل سعيد، وحديثي عن (د.سعيد محمد الجليدي) المعلمُ و الفقيه.

 

وُلد الدكتور سعيد عقب العام السادس والأربعين من القرن المنصرم لبلدة الرحيبات بالجبل الغربي، تدرج بتعليمه بكل اجتهاد، فبعد تحصله على الشهادة الإبتدائية وبدعم والديهِ دخل مدرسة “السيد مهدي السنوسي القرآنية” لِيغدو حاملًا لكتاب الله، و بصدره حافظًا كلمات النور و اليقين فـنال شهادة الختم و الإكمال عام 1969م، عقبها استكمالِه لِتعليمه بمعهد “احمد باشا الديني”، وذلك قُبيل سفره للقاهرة لدراسة العام الأخير للثانوية بمعهد “البحوث الإسلامية”، فـكرّس شبابه تفقهاً بديننا الحنيف خاصة بدخوله كلية الشريعة والقانون ذات نظام الخمس أعوام، ليتخرج بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف عام 1971ميلادي.

تم تعيينه حين تخرجه مساعد نيابة بنيابة غريان، تليه عمله بإدارة الفتوى والتشريع بوزارة العدل في طرابلس ، لكنه سرعان ما استقال بسبب تعينه مُعيدًا “بكلية الحقوق-جامعة بنغازي” التي رحل عنها هي الأخرى باحثًا عن العلم ومايزيد من بحر الدين المُعطاء، فبمجرد أن قُبل لإستكمال الدراسات العليا حتى باشر بجهد دون كلل ليتحصل على الماجستير عام 1973م من جامعة “الأزهر كلية الشريعة و القانون”، عقبها الدكتوراه من الجامعة ذاتها، بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى.

وبعودته للبلاد تدرج بعمله بجامعة قاريونس، حتى بات أستاذ بدرجة مُشارك، قبل انتقاله لجامعة طرابلس عام 1989م، واستمر بعمله هناك بكل تفاني حتى عام 2009م، ليُمنح صفة أُستاذ شرف حين تقاعده من كلية الحقوق جامعة طرابلس.

ومن أعماله وما شغله :

– كان أستاذ بالجامعات الليبية خاصة “جامعة طرابلس، جامعة ناصر، جامعة قاريونس”

– عمل بتدريس عدة مواد لطلبة الليسانس والدراسات العُليا فـدرس لليسانس كل من (المدخل الى الفقه الإسلامي، الأحوال الشخصية، الميراث و الوصية، أصول الفقه الإسلامي)، أما للدراسات العُليا (القواعد الفقهية، الفقه الإسلامي المقارن، السياسة الشرعية، التشريع الجنائي الإسلامي، العلاقات الدولية في الإسلام، فقه المعاملات).

– أشرف على عدة رسائل لطلبة الماجستير والدكتوراة، وشارك بمناقشات عدة رسائل أخرى.

– نُشرت له عدة بحوث و مؤلفات منها (أحكام الأسرة في الزواج و الطلاق، الميراث والوصية في الشريعة الإسلامية، المدخل لدراسة الفقه الإسلامي، شرح أحكام الوصاية، نظرية العقد).

– اسهم بالعمل بعدة لِجان بمختلف المجالات سواء علمية كانت أو تشريعة ومهنية و لاننسى وطنية كذلك.

– شارك بعدة مؤتمرات محلية ودولية لعلّ منها : ( “مؤتمر الدراسات الامنية و التدريب_الرياض”، “ندوة تشريعات الحدود_جامعة قريونس”، “ندوة مُقتضيات الدعوة في ضوء المعطيات المعاصرة_جامعة الشارقة”، “ندوة تشريعات الطفولة_اللجنة العليا للطفولة ومنظمة اليونسيف”، “لجنة إعداد ميثاق حقوق الطفل_بمنظمة المؤتمر الاسلامي” ).

ونختم الحديث بكونه أثبت معنى العمل بالمعرفة فـعمل بجهد لنقل ما تفقّهَ لطلبته ومَن جاوره، عُرف بحسن تعامله، ترك من المؤلفات مالًا يوصفُ، جاعِلًا من علمه وما تعلّمه مُتدفقًا جيلًا بعد جيل، فَـجَسّد قول الشاعر أحمد شوقي وعليه نقول كاد المعلم ان يكون رسولا ، اسأل الله له الشفاء العاجل و القريب..

كتابة و إعداد : ميار صلاح الدين.